مراحل اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية

مر التاريه بسلسلة من مراحل اكتشاف النفط حتى الوصول إلى ما نحن عليه اليوم، وفي هذا الشأن يُعَدّ اكتشاف البترول في المملكة العربية السعودية، نقطةَ تحول مهمة في تاريخها الحديث، نظرًا لأهمية النفط عالميًا، فهو شريان الحياة وخاصة في المدن الصناعية الكبرى، كما أن المملكة استفادت منه بشكل كبير في تقوية مركزها الاقتصادي عالميًا.
مراحل اكتشاف النفط في المملكة السعودية
ففي يناير 1927 م، قامت شركة بترول البحر الأحمر بعمليات التنقيب عن البترول في منطقة الحجاز، ولكن طبقات المِلح العميقة التي وجدتها الشركة في أثناء قيامها بالحفر، أضاعت آمالها في الحصول على البترول.
ويذكر الدكتور عبد الفتاح أبو علية بأن الملك عبد العزيز أعطى امتياز الزيت في منطقة “الحسا” لشركة “إسترن جنرال سينديكيت“، وهي شركة بريطانية، ونظرًا لأن جهودها بقيت غير مجدية، ولكونها لم تدفع أجور الامتياز المتفق عليه مع الحكومة، فإنه تمّ سحب امتيازها.
ومن الملاحظ أنه قد حدث تنافس بين الشركات الأمريكية والشركات الإنجليزية، حول الحصول على امتياز الزيت في السعودية، إلا أن الشركات الإنجليزية لم تكن مستعدة للمغامرة في منطقة كانت معظم تقارير الجيولوجيين لا تشجع على التورط في صرف نقود تكون فوائدها غير مضمونة، بينما كانت الشركات الأمريكية مستعدة للتضحية بشكل أكثر.
وصول البعثة الأمريكية
ولهذا السبب وصلت بعثة أمريكية جيولوجية تمثل شركة: “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا” أو بالإنجليزية Standard Oil of California، وكان فيها كلّ من السيد هاملتون والسيد تويتشيل الجيولوجي الأمريكي، من أجل الحصول على امتياز الزيت في السعودية، ووصل كذلك السيد لونكرك مدير شركة “بترول العراق في الشرق الأدنى“، لإجراء مفاوضات مع الحكومة السعودية للحصول على امتياز الزيت.
غير أن كل الظروف كانت مواتيةً لنجاح الشركات الأمريكية؛ فالملك عبد العزيز كان يرى أن الشركات البريطانية تحتكر بترول العراق والبحرين، بينما لم يكن للأمريكان مثل هذا النفوذ، إلى جانب أن الملك يرى أن الشركات الأمريكية لا تتدخل في شؤون البلاد السياسية، بالإضافة إلى أنها كانت تريد أن تدفع المبالغ بالروبية الهندية، وهذا لا يعجب الملك عبد العزيز ووزير ماليته “عبد الله السليمان“، بينما وافقت الشركات الأمريكية أن تدفع دفعة مقدمة بالعملة الذهبيّة.
عقد الملك عبد العزيز اتفاقًا بتروليًّا مع الشركة الأمريكية “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا” لمدة ستين سنة، شمِل الجزء الشرقي أو ما يسمى بـ“المنطقة المشمولة“، وصدر الاتفاق في 29 مايو 1933 م. واشتغلت الشركة الأمريكية، وبدأت الحفر في منطقة الأحساء في 3 إبريل 1935 م، وفي سنة 1936 م شاركت شركة “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا“، شركة “تكساس” بحصة قدرها 50%، وتشكلت شركة باسم جديد سُميت بشركة (كاليفورنيا أرابيان ستاندرد أويل كومباني)، فزادت من قدرة الشركة على توسيع أعمالها بحجم أكبر، وذلك من خلال إمكانيات شركة تكساس الكبيرة.
صراع عنيف بين الشركات
وفي سنة 1944 م أُعيد تسمية الشركة باسم شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو)، وفي 1948 م أصبحت الشركة ملكًا لأربع شركات كبرى هي: شركة “ستاندرد أويل كومباني أوف كاليفورنيا” بـ30% – وشركة “تكساس” بـ 30 %- وشركة “ستاندرد أويل كومباني أوف نيوجرسي” بـ 30 % – وشركة “سوكوني فاكوم” بـ 10 %. لقد حدث صراع عنيف بين الشركات البترولية الأمريكية والإنجليزية، على أخذ امتياز المنطقة المحايدة الكويتية السعودية، وانتهى الأمر إلى شركة أمريكية تسمى الباسفيك الغربية سنة 1948 م.
وقبل نشوب الحرب العالمية الثانية، حاولت كلّ من طوكيو وبرلين الحصول على امتيازات البترول في المملكة العربية السعودية، وكان الملك عبد العزير قد تلقى عرضًا رسميًّا من اليابان في سنة 1937 م، بشأن أخذ امتياز البترول في السعودية، لكنه رفض قبول هذا الأمر، وكذلك رفض العرض الألماني، وذلك لاعتبارهما مشروطين بشروط واعتبارات سياسية.
إن اكتشاف النفط في المملكة قد أسهم فيما بعد في تلبية احتياجاتها من الموارد التي تنقصها عن طريق فتح آفاق الاستيراد، وجذب إليها الأيدي العاملة، وأصبح اقتصادها ضخمًا، وعاد عليها بالخير الوفير.